رسالة إلى امرأة مجهولة21.
.!!
.........................................
إليك..
بعد أما بعد..
مرهق كل ما في..
من أول السطر..
إلى الفاصلة..
من ذلك الجثمان الذي يرتديني..
طمعا في وجود ليس له وجود..
لأنه على قيد وجودك أوجد..
وطالما تمرحين أنت في حلة الغياب..
فسيصبح وجودي على قيد العدم..
أنا يا سيدتي..
ذلك العدم في هيكل ما يسمى بشرا..
أليس الرماد بعد الاحتراق محض عدم..
عدم أيضا..
ذلك الحرف البائس..
الذي قطع دياجير الظلام ليشق وجه الفجر..
مبحرا إلى نور..
يمتطي فيه السطر..
على سبيل الوصول إلى محطة التعبير ولو عجزا..
تلك القوافي العاجزة..
وتلك الفواصل التي تختزل المعاني..
وتقطعها كلحن مؤلم..
يسكن جوف نوتة موسيقية..
لم تعزف بعد ولن يكتب لها..
مرهق يا سيدتي..
ذلك الحلم القديم الذي وطأ أرض الذاكرة..
غريبا..
بعدما ولى زمن الأحلام وانتحرت خريطة الأماني..
وتبدلت الأمنيات..
بعدما تبدلت الإهتمامات..
فصار غريبا يطرق أبواب غريب..
ينتقل من وجود العدم..
إلى عدم الوجود..
ليقول لك يا سيدتي..
أنا ذلك الحزن المسافر في الزمن..
من عصر ما قبل الرحيل..
إلى أن تنتهي الأسفار..
إلى قيامة النبض..
إلى برزخ بين الضلالات يتوه..
فكيف تتبدل أقدار حفرت في ألواحنا..
وكبرت فينا وشاخت على معالمنا..
وتجاوزت ماضينا الى حاضر ملوث كل ما فيه برائحتك..
وكأنه على قيدك أوجد ولك وهب دون نقاش..
إلى غد على قيد المجهول لا زال يحبو في بطء..
يرتقب موعد ولادة وجهك من عتمة الغياب..
يرفض أن يكون على غير ملة هواك..
يستحل أرض العصيان مرتعا لعربدته..
ليعلن ولائة للتمرد على مقدر غيرك..
متعب يا سيدتي..
ذلك السرداب الطويل من الألم..
الذي أقطعه كل ليلة..
حين يستبد بي الحنين..
فيضرب شطئان مقاومتي في نوبة مد لا تنتهي..
لا تعرف طريق الجزر وكأنما فقدته في صحراء..
ليست بأية حال أفضل من صحراء عمر على هوية الموت وقيد الوفاة..
ويهاجمني إعصار الشوق..
وأنا عار في طرقات الذاكرة..
أستجدي تلك الشوارع والأرصفة..
ووجوه الفراغات..
أجمع منها أشواك الذكريات..
التي تدمي قلبي قبل قدمي كل ذات بحث..
لأحصد في النهاية سنابل الخيبة..
وأعتق عطور العدم في قلبي..
وأملأ صفحات الدفاتر بأحرف لا تعبر عني..
عجزا عن غيرها..
وأعبئ حقائب الرحيل حيث مرافئ الحل..
خائب يا سيدتي..
موطن في عينيك على وقع اسمك كنت شققت له اسما..
وبنيت جنانه على ضفاف عينيك..
ورسمت حدوده حيث لاحدود..
وفردت خرائط فجره على حطام غسق قاس..
لا ينصاع لموعد الصبح..
يقولون أليس الصبح بقريب..
ليأتي الجواب بلسان الحال..
أن لا..
إن أعينا كفت من البكاء صارت لاترى ولا تريد..
كأنما أرادت العمى في زمن لا يطوف إلا على موائد العميان..
ويتسول الوجود من فاقدي الرؤية..
غائب يا سيدتي..
ذلك المسافر في دمي..
لم يعلن عن موعد لعودة الأنفاس الهاربة..
طيفك..
الذي يأبى أن تكتحل به أعيني ولو على سبيل المجاز..
فكم من مرارة تجرعتها وأنا ألاحقه عبر دروب كل لافتاتها( تبا لطامع فيمن يأنف عنه)..
وما طمعت إلا في كأس عطر وأغنية..
وصورة وجه على هيئة وطن..
ولو على سبيل المنفى..
فكم تعبت من غربة في وطن لا يؤمن بحق المواطنة..
يأخذ ما لك ويبخل بما عليه..
يستحل الأخذ ويحرم العطاء..
فتمنيت ذات خيبة أن أحل ضيفا على موطن الإغتراب..
أنا يا سيدتي كل أولئك الحمقى على صورة بشر..
فقط تمنى لو ارتقى ذات مرة..
إلى مرتبة ذلك المسخ الذي لا يألم ولا يؤلم..
فقط لأني أحببت يوما ذلك الملاك الآبق..
وأنا يا سيدتي في عينيك لم أزل..
ذلك البشر العاجز..
ولكن الفارق أني أحببتك..
في زمن..
خطيئة أهله حب يهبط بصاحبه من فردوسك..
إلى آخر دركات الجحيم..
حيث لا تعب ولا عناء في حضرة الحروف التي تكتبك..
وصورة طيف قديم..
وبقايا موجوعة من ذاكرة الحكايا..
مزدحمة بتاريخ كله أنت..
...................................
بقلمي العابث..
كريم خيري العجيمي